الخميس، 1 أكتوبر 2015

ترجمة العلامة المقرئ عبد الله المحفدي

ترجمة العلامة المقرئ: عبد الله المحفدي رحمه الله تعالى
(1334هـ - 1429هـ)
هو العلامة المقرئ الجليل عبد الله بن محمد بن حسين المحفدي اليمني الصنعاني.
مولده بصنعاء في المحرم نشأ بحجر والده محمد بن حسين المحفدي الذي توفي في سنة (1347هـ )، وترك ولده صغيراً وعمره نحو ثلاث عشر سنة، فسخر الله له الوالد محمد بن علي المحفدي كبير الأسرة وجليلها وعالمها وعارفها فكفله أفضل كفالة وأرسله إلى التعليم فدرس بمدرسة بئر العزب في حي المنطقة فحفظ القرآن، وملحة الإعراب، والخلاصة على الأستاذ الفاضل ( غالب ابن محمد الحرازي ) وأخذ عليه أيضاً علم الحساب، وعلم الخط، وكان يحضر مجالس الوالد العلامة محمد المحفدي المحفوف بالعلماء والأدباء والفضلاء ولا يخلو من حضور علماء كبار، فلازم الكثير منهم ونهل من معارفهم وعلومهم، فلازال ينمو في ربى العلم والتعلم مستفيداً من مشايخه وهم :
  • العلامة المقرئ الضرير حسين بن مبارك الغيثي رحمه الله تعالى (1317هـ-... ) شيخ القراءات السبع، قرأ عليه بالسبع، وقرأ عليه شطراً في النشر للجزري، وشرح الفاصح وغيث النفع وغيره.
  • الشيخ حسين بن خطاب شيخ القراء بدمشق، قرأ عليه القران برواية حفص عن عاصم، وقالون عن نافع، وقرأ عليه في أوائل صحيح مسلم، وسنن أبي داود وأجازه.
  • الشيخ الحافظ عبد الرحمن بن محمد بن سعيد الخدفي، شيخ القراءات العشر في تركيا، وهو الإمام والخطيب الأول بجامع، السلطان بايزيد، قرأ القرآن عليه في محرم سنة (1405هـ )، وأعطاه السند مناولة وأهداه بعض الكتب.
  • الشيخ محمد ديب الشامي من علماء حلب قرأ عليه بعض القرآن جمعاً وأجازه وأعطاه السند للقراءات العشر.
  • الشيخ الفاضل محمد بن شرف الدين رحمه الله تعالى ( 1309هـ - 1393هـ ) قرأ عليه القرآن غيباً، كما أخذ عنه: كتاب الأزهار.
  • السيد العلامة المقرئ يحيى بن محمد الكبسي رحمه الله تعالى ( 1312هـ - 1410هـ )، الذي تعتبر أسانيده في القراءات من أعلى الأسانيد في اليمن، وكان رحمه الله إمام جامع الروضة، أخذ عنه: القرآن، وأوليات كتب الحديث السنبلية، وأوائل كتب الحديث لأهل البيت تصنيف السيد عبد الله بن محمد المنصور، وأسمع في أول صحيح البخاري، وأجازه إجازة عامة.
  • العلامة المقرئ أحمد بن ناصر الخولاني رحمه الله تعالى ( 1313هـ -1379هـ )، أسمع عليه القرآن كاملاً برواية قالون عن نافع، ورواية حفص عن عاصم، أخذ عنه: بلوغ المرام، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسبل السلام، وشرح العمدة ولازمه كثيراً.
  • العلامة عبد الله بن عبد الرحمن حُميد رحمه الله تعالى قرأ عليه القرآن برواية حفص.
  • السيد العلامة عبد الوهاب الوشلي رحمه الله تعالى أخذ عنه : قطر الندى، والجوهر المكنون، وشرح الكافل لابن لقمان.
  • القاضي علي بن عبد الله الآنسي رحمه الله تعالى أخذ عنه: شرح كتاب الأزهار في الفقه كاملاً.
  • القاضي العلامة حسن بن علي المغربي أخذ عنه: شطراً من شرح كتاب الأزهار.
  • العلامة المؤرخ عبد الله بن عبد الكريم الجرافي رحمه الله تعالى ( 1319هـ -1397هـ ) أخذ عنه: شرح العمدة لابن دقيق العيد، وسبل السلام، ونزهة النظر شرح نخبة الفكر لابن حجر وأجازه إجازة عامة.
  • السيد العلامة أحمد بن علي الكحلاني رحمه الله تعالى ( 1308هـ -1386هـ )، أخذ عنه: الكشاف للزمخشري كاملاً، وبعضه في المرة الثانية، وسنن أبي داود، وشرح العمدة، وأكثر البخاري، ونهج البلاغة، والأساس، وأمالي أبي طالب، وشرح الأزهار، والغاية في أصول الفقه.
  • العلامة أحمد بن الحسين العمري رحمه الله تعالى ( 1313هـ - 1387هـ) أخذ عنه: شرح العمدة، وسبل السلام، وأكثر صحيح البخاري وأجازه.
  • العلامة سيبويه زمانه عبد الله بن محمد السرحي رحمه الله تعالى (1318هـ - 1409هـ )، أخذ عنه: كتاب الغاية، والمناهل الصافية، والكشاف كاملاً وقام بتسجيل بعض دروس الكشاف على أشرطة قبل أكثر من ثلاثين عاماً وله منه إجازة.
  • العلامة إسماعيل بن صلاح الدين رحمه الله تعالى أخذ عنه: قطر الندى، وشرح الكافل في أصول الفقه، والجواهر.
  • العلامة المسند محمد بن علي الشرفي رحمه الله تعالى ( 1317هـ – 1406هـ ) أخذ عنه: في (دار العلوم)، وقابل معه الأبحاث المسددة، والمنار، وبعض نجاح الطالب شرح كافية ابن الحاجب وغير ذلك من كتب العلامة المقبلي، وأجازه إجازة عامة.
  • القاضي العلامة عبد الله بن علي اليدومي (1301هـ -1391هـ)، لازمه عشر سنين، وأخذ عنه: صحيح البخاري كاملاً، وشرح العمدة لابن دقيق العيد، ومن نيل الأوطار نحو الثلث، ومن فتح القدير إلى سورة هود، ونحو النصف من صحيح مسلم وأجازه.
  • العلامة أحمد بن أحمد الجرافي (1307هـ -1405هـ)، لازمه في مجالسه الرفيعة نحو عشرين عاما، فأخذ عنه: صحيح البخاري مع حضور فتح الباري وشرح القسطلاني، وشطراً من صحيح مسلم مع حضور شرحه للنووي، وجرت مذاكرات في مجالسه الكثيرة، وله منه إجازه.
  • العلامة قاسم بن الوجيه رحمه الله تعالى أخذ عنه: في الكشاف، وأخذ عن ولده محمد: الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، وسنن أبي داود.
  • السيد علي بن محمد بن إبراهيم ( 1302هـ -1396هـ ) أخذ عنه: في الكشاف، والثمرات، وشفاء الأوام.
  • العلامة الفقيه إسماعيل الريمي ( 1283هـ - 1365هـ) أخذ عنه: شرح كتاب الأزهار، وكتاب التجريد للمؤيد بالله، وكتاب شفاء الأوام، وكتاب الروض النظير للسياغي.
  • العلامة المحدث ثابت بن بهران رحمه الله تعالى (1314هـ – 1400هـ ) أخذ عنه: في مصنف عبد الرزاق، وفي طبقات ابن سعد قدر الثلث، وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ الهيثمي قدر الثلث أيضاً وأجازه ولم يكملهن لوفاة شيخه رحمه الله.
  • القاضي العلامة محمد بن أحمد الجرافي ( 1339هـ - ) مفتي الديار اليمانية حالياً، أخذ عنه: جميع كتب المقبلي قراءةً محققةً منها المنار، والإتحاف لطلبة الكشاف، والأبحاث المسددة، والتلخيص للقزويني، والهدي النبوي (زاد المعاد )، وتيسير الوصول لابن الديبع وأجازه.
  • السيد العلامة المعمر أحمد بن محمد زبارة رحمه الله تعالى (1325هـ - 1421هـ ) مفتي الديار اليمانية سابقاً، أخذ عنه: شطراً من الكشاف، والإتقان في علوم القرآن وأجازه.
  • العلامة المحدث محمد ياسين الفاداني رحمه الله تعالى ( 1337هـ - 1410هـ ) أخذ عنه المسلسلات، وبعض البخاري (بمكة المكرمة)، وأجازه إجازة عامة.
  • العلامة الفقيه عبد الله بن محمد عباد اللحجي الحضرمي رحمه الله تعالى (... – 1410هـ )، أخذ عنه: الإلمام لابن دقيق العيد وأجازه بثبته.
  • السيد المعمرمحمد بن حسين الجلال ( 1330هـ - 1425هـ) أجازه بما حواه ثبته (الأنوار السنيّة).
  • السيد العلامة المعمر عبد القادر بن عبد الله شرف الدين ( 1326 – 1425 )، وأجازه بأسانيده، وقد جمعها تلميذه الشيخ العبيد في ثبت سماه (المَجَاز فِي ذِكْر المُجَاز ).
  • العلامة المجاهد محمد بن سالم البيحاني (1326 – 1391)،أخذ عنه: صحيح البخاري، وصحيح مسلم.
  • السيد العلامة محمد الديلمي رحمه الله تعالى المدرس بقرية القابل، أخذ عنه: شرح الأزهار.
  • الشيخ جمال الدين علي الدبب رحمه الله تعالى أخذ عنه: بعض الكشاف وله غيرهم من العلماء.

ترجمة مفتي الديار اليمانية رحمه الله


العلامة الجليل القدوة محمد الجرافي (رحمه الله)
[1339- 1332هـ]

 توفى مساء الجمعة 16ذو القعدة من سنة (1432هـ)، ووري جسده صباح يوم الاحد من الجامع الكبير في مدينة صنعاء اليمن العلامة المحقق المدقق المعمر عز الدين محمد بن أحمد بن أحمد الجرافي مفتي الديار اليمانية، بعد عمر مديد قضاه مشتغلاً بطلب العلم والإفادة والتدريس والقضاء والافتاء، فرحمه الله تعالى.
نسبه: هو عز الدين محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن حسين الجرافي اليماني الصنعاني المولد والنشأة والوفاة.
وآل الجرافي من البيوتات العريقة التي برزت بصنعاء خلال قرنين من الزمان ولمع واشتهر من هذه الأسرة خلال هذه الفترة جمع من الرجال شغلوا مناصب علمية وقضائية وآخرين في الدولة، وبرز منهم أربعة هم: الجد والابن والحفيد على التوالي العلامة محمد بن العلامة أحمد (1307 - 1405)، بن العلامة الجهبذ محمد (1280- 1316هـ)، الجرافي.
ورابعهم وهو ابن عم لهم هو العلامة المؤرخ الشهير فخر الدين عبد الله بن عبد الكريم الجرافي (1319- 1397هـ).
نشأته: نشأ رحمه الله تعالى في حجر والده العلامة الكبير أحمد الجرافي ونهل من علومه دون كلل أو ملل، وحفظ القران على شيخ القراء في عصره السيد العلامة يحيى بن أحمد الكبسي برواية حفص، ودرس في الجامع الكبير ومسجد الفليحي، ودار العلوم على يد ثلة من كبار علماء صنعاء.
طلبه للعلم ومشيخته: شرع العلامة الجرافي في طلب العلم منذ صباه فجال في العلوم الإسلامية من عربية وفقه وحديث وتفسير واصول بهمة عالية لم يشبها أي شائبة.
فيعد أن حفظ القران العظيم، حفظ متن الأزهار، في الفقه ومتن ابن الحاجب في النحو، ومتن التلخيص في البلاغة، وأكثر متن الغاية في أصول الفقه.
ثم لازم والده فأخذ عنه الأمهات الست والموطأ، وضوء النهار، وبغية الآمل مع شرحه وزاد المعاد جميعها كاملة دون فوت وكلها قراءة تحقيق وتدقيق. وأخذ عن السيد العلامة أحمد بن عبد الله الكبسي بهجة المحافل وسبل السلام وبغية الآمل وبعضا من تفسير ابن كثير وفتح القدير. وأخذ عن العلامة الجهبذ لطف الزبيري جميع سبل السلام وزاد المعاد، وأكثر الاتقان للسيوطي وبعض من نيل الأوطار. وأخذ عن العلامة أحمد الكحلاني شرح الأزهار والكشاف، والروض النضير، وجزء من الغاية. وأخذ عن شيخ العربية علي سنهوب مغني اللبيب، والمناهل الصافية شرح الشافية قراءة تامة. وأخذ عن العلامة علي الدَّبَبْ أكثر شرح الغاية في الأصول، إلى آخرين من مشاهير علماء صنعاء الذين لازمهم شيخنا الجليل، وإلا فانه لم يفارق مجالس والده - الرفيعة الغاصة بكبار العلماء في صنعاء والروضة - طيلة حياته التي كانت مليئة بالدروس الكثيرة. وقد أجازه اكثر مشايخه.
صفاته: كان شيخنا رفيع المنزلة، رحب الصدر، محب لطلبة العلم باذلا لهم كل ما في وسعه من مقدورات، وكان ذا نصح للخاصة والعامة، يبتدئ يومه بالتدريس في الكتب العلمية من تفسير وحديث وفقه ونحو وصرف وغير ذلك، وكان رحمه الله تعالى مواكب للأحداث اليومية من القضايا السياسية والفكرية والأدبية مطالعاً لكل جديد في عالم المعرفة، ومما أمتاز به حُسن الخط فقد نسخ بخطه الجميل العديد من الكتب والرسائل العلمية النافعة خاصة كتب ورسائل مجتهدي اليمن المشاهير.
وكان رحمه الله تعالى عفيف اللسان لا يتكلم في أحد ولا يحب الكلام في الأخرين.
فمما عرفته عنه أنه كان لا يحب الخوض في مسائل الصحابة أو التوغل في كتب الكلام، ويرى أن ذلك كله مضيعة للوقت مفسدة للقلب، وأن هذه نصيحة تلقها عن آبائه حتى تبلغ إلى الإمام الأمير الصنعاني رحمه الله تعالى.
الأعمال التي تولاها: تقلب شيخنا في عدة وظائف إدارية ومناصب قضائية وسياسية، فهو من كبار القضاة والحكام ومشايخ العلم المشار اليهم بغزارة العلم والحلم والانصاف مع التواضع الجم، وأهم تلك الأعمال والمناصب: أنه كان عضواً في مجلس القضاء الأعلى، ورئيسا لهيئة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية، وعضوا في مجلس الشعب التأسيسي, وأخيراً تولى رئاسة الافتاء بالديار اليمانية خلفاً لشيخه العلامة أحمد زباره رحمهما الله، وذلك في عام (1421هـ).
عُرف شيخنا في مسيرة حياته العملية وخاصة في مجال القضاء بالسيرة الحميدة الحسنة فكان يعمل بصمت خفي طلة عقود عديدة، وهذا كان بشهادة الجميع ممن عمل أو عرفه عن قرب.
ولقد عُرف عنه في مجال الافتاء الفطنة واليقظة لكثير من الفتاوى والاجوبة التي كان يجيب عليها، وكانت أجوبته قصيرة موجزة.
آثاره: لم يهتم شيخنا العلامة الجرافي بالتأليف ولا تصنيف فهو كان يرى أن ما خلفه علماء الإسلام من الكتب كافية وليس هنا حاجة ماسة إلى التأليف إلا فيما ندر ومع ذلك فان شيخنا له مشاركة منها: أنه اختصر كتاب مغني اللبيب لابن هشام، وجمع كشكولا في ما كان يعجبه من القصائد والأشعار التي كان يحفظها، ومنها أيضا أنه سعى في جمع رسائل العلامة الكبير الحسن الجلال وشاركه فيه الدكتور حسين بن عبد الله العَمْري.
ولم تأت عنايته بتراث العلامة الحسن الجلال إلا لأن شخيصته كانت مصبوغة فيه فهو كان معجبا به غاية الاعجاب حتى أنه كان يدعى بالجلال الصغير، فلم يكن أحد يفك عبارته المعقدة في كتابه (ضوء النهار) سوى شيخنا الجرافي.
ومن اعظم اثاره والذي خلفه من بعده هو طلبته الذين انتفعوا به وخاصة في الثلاثة العقود الأخيرة فانه قد أفرغَ جُزءاً من وقته للإفادة والتدريس ولازمه الكثير من الطلبة، وتخرجوا على يديه.
ثناء العلماء عليه: قال عنه شيخنا علامة العصر القاضي محمد بن اسماعيل العمراني: "القاضي العلامة الكبير محمد بن أحمد بن أحمد الجرافي مفتي عام الجمهورية اليمنية، علامة بن علامة بن علامة، ورث العلم عن أبيه عن جده حفظ القرآن عن ظهر قلب، ثم قرأ جميع علوم الاجتهاد بجد واجتهاد ومثابرة إلى أن بلغ الدرجة العليا في العلوم الشرعية والدينية والعربية، تفرد بمعرفة مؤلفات المحققين من العلماء، وعلى رأسهم الزمخشري والجلال والأمير وغيرهم، فهو الفريد في عصره بمعرفة هذه المؤلفات الزاخرة بالعلوم الشرعية والدينية والعربية، ولا يساويه أحد من علماء اليمن، تولى عدة مناصب هو أعلى منها وهي دون قَدره، فكل وظيفة عمل فيها هي دون علمه وذكائه وفضله ونشاطه وتحقيقه واتساع دائرة معارفه، لا فرق بين وظيفة ووظيفة، ولا فرق بين كونها قضائية أو إدارية، تشرفت به الوظائف ولم يتشرف بها، فهو شريف نفسه، مع تواضع وورع وتقوى وإنكار للذات وحب للناس ولمنفعة الناس منذ شبابه إلى كهولته إلى شيخوخته".
وأنشد فيه العلامة المحقق المسند محمد بن علي الشرفي رحمه الله تعالى:

هذا الجرافي جرا
                                              في مضمار آل الجرافي 
علماً ونبلاً وفضلاً
                                           معينها العـــذب صــافـي
آبـــاؤه الغر كانوا
                                         أهل العـــلا والتصــــــافي
محمد أنت منـــــهم
                                            علـــى الحقيـــــقة وافي
يكفيك مجداً وسعداً
                                            ما نلت يا خيـــــر كافي
معادن العلــــم تبقى
                                           حديثـــها غيـــر خــافي
أجزتك اليـــوم فيما
                                          حـــواه ثبتِي الموافــــي
                                  
                                                                             انتهى.

خاتمة الزمخشريين


العلامة الدراكة المحقق محمد بن أحمد الكبسي
[ 1340 - 1434 ] 
في يوم السبت 12 جمادى الأولى 1434هـ دفن شيخنا الجهبذ المنتقد، والشيخ المجتهد، عز الآل، صدر المفسرين القاضي محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن يحيى بن أحمد الكبسي، العلوي، الحسني، الهاشمي، اليماني، الخباني المولد، الصنعاني الوفاة.
مولده ونشأته:
بمدينة يريم يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 1340هـ، ونشأ في كنف والده والتحق بكُتاب مدينة يريم لتعلم مبادئ العلم من خط وحساب وتجويد.
مشايخه:
أخذ عن عمه السيد العلامة الكبير محمد بن محمد الكبسي (تـ1382هـ): متن الأزهار في فقه الزيدية، ومتن الغاية في أصول الفقه، ومتني الشافية والكافية في الصرف والنحو، ومتن التلخيص في علوم البلاغة حفظا وقراءة لجميعها كما سمع سيرة ابن هشام كاملة وأكثر مسند الإمام أحمد بن حنبل.
وأخذ عن العلامة مطهر بن يحيى الكحلاني (تـ1377هـ): شرح الفاكهي، وحاشية السيد على كافية ابن الحاجب، وشرح الغاية وشرح ابن مفتاح على الأزهار والشرح المختصر على التلخيص، والمناهل الصافية في شرح الشافية للطف الله الغياث، والكشاف لجار الله الزمخشري.
وأخذ عن العلامة الجهبذ أحمد بن قاسم الشمط (تـ1373هـ): في شرح الغاية في أصول الفقه وشرح الأزهار، وشرح تلخيص، والمناهل الصافية في شرح الشافية للطف الله الغياث، والكشاف للزمخشري، وشرح الفاكهي، وحاشية السيد على الكافية. وأجازه إجازة عامة وخاصة. وأعاد الشرح الصغير على العلامة عبد القادر بن عبد الله (تـ1426هـ). وأخذ شرح قواعد الأعراب على العلامة أحمد العرجلي.
وأخذ على العلامة حسين الواسعي شرح الأزهار والفرائض للناظري وأعادهما مرات متعددة على العلامة عباس الوجيه مع قراءته عليه شرح الثلاثين المسألة لابن حابس الصعدي.
وأخذ عن العلامة الكبير أحمد بن ناصر الخولاني المقرئ الضرير شرح العمدة لابن دقيق العيد، واخذ عن العلامة عبد الله بن علي اليدومي التاج الجامع للأصول للشيخ ناصف كاملاً.
وأخذ عن العلامة المحقق يحيى بن لطف شاكر أكثر الروض النضير للسياغي وأجازه، وله مشايخ آخرين غير من ذكرتهم.
فهؤلاء من أردنا ذكرهم وكم سواهم قد طوينا نشرهم
أعماله:
تولى القضاء في الكثير من الجهات اليمانية، وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم، متفق على جلالته، وعلو منزلته، وورعه وزهده، لا يختلف فيه اثنان، وأما الأحكام فكان فيصلا فيها، وقد كان يُراجع في أحكام صدرت أزيد من أربعين عاما فكان يذكرها ويذكر حكمه فيها كأنها صدرت منه الساعة.
تصدره للتدريس: كان شيخنا رحمه الله تعالى مفيد الطالبة فكان أينما حل عامرا وقته بالإفادة والتدريس فلا تخلو مدينة من المدائن التي تولى بها القضاء إلا وله فيها طلبة للعلم.
وأما آخر عقدين من عمره بعد أن تقاعد تفرغ تفرغا تاما للتدريس في الجامع الكبير بصنعاء فرحل إليه الطلبة وانتفعوا به وأعاد لهذا المسجد شعلته وأحيى المجالس الزمخشرية والآمالي التفتازانية فتراه إذا أقراء في الكشاف شبك أصابعه وأورد علينا درر المسائل وانهالت البلاغة فكأن من أمامك هو الزمخشري بعينه وابن المنير بمضايقاته ولا تعجب إن قلت لك من حالة الشيخ وهو يأتي بمتشابه الآيات فيسردها جملة واحدة ويبين لك أوجه الإعجاز فيها ودلالات مبانيها ومعانيها.
سألته ذات مرة عن كتاب ظهر في الأسواق لأحد مشايخ العراق يعرض فيها اللمسات البيانية والبلاغية في القران الكريم فقال: وقفت عليه كوقوف العطش على الماء إلا أنه لم يروي غليلي ويشفي عليلي يا بني لقد مرر على القران وتفاسيره مرارا وتكرارا فلم أجد من أجاد وأفاد في بيان معجزه ولمِ متفرقه وذكر تناسبه وتناسقه اللهم إلا ما تفرق في بطون كتب التفسير، وكم لشيخنا من النكت العلمية والفرائد العزيزة.
ومن عجيب همة شيخنا رحمه الله تعالى أنه كان يذهب إلى الجامع الكبير بصنعاء مشياً على القدم وهي مسافة تقرب من 2 كيلو متر أو تزيد، وليس هذا فحسب بل كان مسكنه في الطابق الثالث ويصعد إليها في اليوم الواحد خمس مرات كل ذلك لإدراك صلاة الجماعة.
وعلى كل حال فهو معدود في أكابر الرجال الشارحين لتفسير الزمخشري، وإليه المنتهى في علوم الآلة من نحو وأصول وبلاغة وغيرها كما أنه واحد من القلائل الذين رأيتهم، أنموذجا للعلم والعلماء.
وأما خلافه بين الزيدية وأهل السنة فقد قارب حد الإنصاف، والخروج من التورط والانحراف والاعتساف، يعمل السنة ويتبعها، محافظ على الجماعة حتى أخر عمره.
فرحمه الله وأسكنه فراديس الجنان، وأنزل على قبره شآبيب الرحمة والرضوان.
كُتب على عجل ووجل.